جهاد النكاح يستقطب الفتيات المغاربيات
يتم إغواء الشابات في المغرب الكبير ليصبحن جهاديات راغبات في عرض حتى أجسادهن على مقاتلي القاعدة في سوريا.
كيفية تحولهن من البراءة إلى الجهاد في الأراضي الأجنبية هو نتيجة جهود التجنيد المتواصلة للمتطرفين حسب إحدى الضحيات الشابات في تونس.
"جهاد النكاح" ليس بالظاهرة الجديدة، بل انتقل من ممارسة سرية إلى إثارة إعلامية اجتماعية مع الصراع السوري.
جماعات غامضة بمصادر تمويل أكثر غموضا تستخدم الدين كذريعة لإقناع الشابات من تونس والمغرب وبلدان أخرى للانخراط في "الزواج المؤقت" مع المجاهدين.
والفتيات تسمين ذلك جهادا.
باسل ترجمان، خبير في الشؤون المغاربية ومتخصص في قضايا الحركات الإسلامية قال "لم يتم كشف النقاب عن من يقف وراء هذه الشبكات ويمولها رغم إيقاف العديد من الفتيات اللاتي اعترفن بأنهن كنا متورطات مع هذه الجماعات".
وقال لمغاربية "الحقيقة المؤسفة أن هنالك عشرات الفتيات والنساء من جنسيات مختلفة ذهبن أو غرر بهن ليمارسن الدعارة باسم الدين".
الدكتورة طربة منت عمار، باحثة في التاريخ الإسلامي، تشاطره الرأي قائلة "الممارسة المعروفة تحت اسم نكاح الجهاد هي عمل وحشي يتم من خلالها استغلال الفتيات المغاربيات اللواتي تغويهن العصابات الإجرامية باسم الدين".
عائشة لم تتجاوز العشرين ربيعا لما اتصل بها "المُجند" للمرة الأولى.
وفي شريط بثه تلفزيون التونسية تحدثت الشابة التونسية عن قصتها وكيف انتهى بها المطاف بين أيدي أشخاص يريدون إرسالها إلى سوريا. وتمت عملية التجنيد في جامعتها عن طريق الجامعة. وظهرت عائشة على التلفزيون دون إبراز وجهها مخافة انتقام الجهاديين الغاضبين.
"سيدة ترتدي النقاب كانت تزور الجامعة بشكل يومي لتتحدث إلى الطالبات عن الإسلام وتذكرهن بالعقاب في حال عدم اتباع الصراط المستقيم".
وما إن يتم رصد مجموعة من الفتيات التي يمكن التأثير عليهن، تصبح المُجندة أكثر عدوانية حول ضرورة ارتداء الحجاب والنقاب. وتمكنت من تجنيد 13 فتاة في الحرم الجامعي وأماكن أخرى. وكانت أصغرهن سنا لا تتجاوز العاشرة. وبدأت الفتيات حضور اجتماعات منتظمة في المساجد أو المنازل.
وتسألهن هذه السيدة "لماذا تمتن من أجل بلد الكفر في الوقت الذي يمكنكن الذهاب إلى سوريا والقتال لدخول الجنة؟"
وقالت "جهاد الفتيات هو جهاد النكاح" لإرضاء الجهاديين في سوريا.
وقالت عائشة "والدتي أنقذتني"، حيث ذكرتني بالمعنى الحقيقي للإسلام.
وقالت عائشة "وبعد أن غيرت رأيي ورفضت الاستمرار مع المجموعة، هددتني السيدة. وقالت إنهم سيقتلونني". وبحسب الشابة، فإن الجماعات التي تجند الشباب لسوريا تستخدم كذلك الإعلام الاجتماعي.
وتضيف عائشة "لديهم صفحة للتجنيد على فيسبوك، وينشرون كذلك تعليمات عن كيفية التحول إلى انتحاري" وتنفيذ عمليات الذئب الوحيد ضد شعوبهم.
وللمرة الأولى، اعترفت السلطات التونسية بتفكيك خلية جهاد النكاح.
المجموعة تتمركز في جبل الشعانبي ، المنطقة الجبلية الوعرة على طول الحدود الجزائرية التي ذبح فيها حلفاء القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ثمانية جنود تونسيين يوليو الماضي.
أنصار الشريعة ، التي صنفتها السلطات تنظيما إرهابيا "تجند العنصر النسائي بالتركيز خاصة على القاصرات المنقبات" حسب تصريح مصطفى بن عمر المدير العام لجهاز الأمن العمومي يوم 28 غشت.
وقبل أسبوعين من هذا التصريح، تم توقيف شابة لتجنيد مرشحات لجهاد النكاح في جبل الشعانبي.
وأضاف مدير الأمن أن هذه الفتاة أقرت بأنها "تتعمد استقطاب الفتيات لمرافقتها إلى جبل الشعانبي لمناصرة عناصر التنظيم المسلح في إطار ما يعرف بجهاد النكاح".
ومع نشر الأنباء عن إقناع الفتيات بالمشاركة في الزواج المؤقت مع المتطرفين في بلدهم وفي سوريا، أعرب المواطنون عن ذهولهم.
مريم بن نصر، إطار في إحدى المؤسسات الخاصة، قالت "صرت منذ ذلك الحين أتابع عن قرب تحركات ابنتي وصرت أتصل بها العشرات من المرات هاتفيا. صرت أخشى من أي غياب لها عن المنزل حتى وإن لم يتجاوز الساعة".
أما سامح بلحاج من سكان العاصمة تونس، في الأربعينات من عمره، فقال لمغاربية "أعتقد أن ما يحصل لعدد من بناتنا غسيل دماغ عبر إغوائهن".
وأضاف "يتم إيهامهن بفعل أشياء ترضي الله ولكن في النهاية يكتشفن أنهن وقعن ضحية تجار رقيق أبيض".
ولما انتشر الحديث عن موضوع جهاد النكاح للمرة الأولى الربيع الماضي، انتقد مفتي تونس السابق هذه الممارسة.
وقال الشيخ عثمان بطيخ في 19 أبريل إن "16 فتاة تونسية تم التغرير بهن وإرسالهن إلى سوريا من أجل جهاد النكاح".
وقال "إن ما يسمى جهاد النكاح هو بغاء وفساد أخلاقي. البنت التونسية واعية عفيفة تحافظ على شرفها وتجاهد النفس لكسب العلم والمعرفة".
وعمدت الحكومة التونسية بقيادة حزب إسلامي إلى إقالة بطيخ بعد إدلائه بهذا التصريح.
غير أن هذه الظاهرة لا تقتصر على تونس. فبفضل السيل الجارف للإعلام، فإن المغرب الكبير برمته في حالة تأهب.
عائشة الطلحاوي، مخرجة في التلفزيون الجزائري، أحد منتقدي الأساليب التي تستخدمها الجماعات المتشددة لإغواء الفتيات، تارة باسم الدين، وتارة تحت التهديدات، لإرسالهن إلى جبهات القتال في سوريا لتلبية الرغبات الجسدية للمقاتلين.
وقالت لمغاربية "النساء ليست سلعة تُباع وتُشترى".
فكرة الزواج المؤقت تختلف من جماعة لأخرى سواء تعلق الأمر بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو الجهاديين في سوريا أو الإسلاميين في مالي حسب المحلل أحمد ولد إدوم.
وقال لمغاربية "نظرا لأن الوضعية في منطقة الساحل تختلف عن وضعية سوريا فإن الصيغة التي يحدث بها الزواج في الصحراء تختلف أيضا تبعا للعادات والتقاليد المحلية".
وأضاف "في سوريا، هناك جبهات القتال وتوفر مجالات حضرية، وهذا يساعد على تسهيل عمليات وصول إلى سيدة تعرض نفسها لنكاح الجهاد من دون أن تكون معروفة لدى الجميع".
وبدأ كل ذلك بفتوى مزعومة لشيخ وهابي في السعودية، الشيخ محمد العريفي، تجيز للمقاتلين الزواج من فتيات لا يتجاوز سنهن 14 لبضع ساعات.
بلقيس مشري علاقي، نائبة رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، قالت لمغاربية "في البداية، عندما سمعنا أنه يوجد شباب يذهب إلى سوريا للجهاد قام العديد بشتم وسائل الإعلام وبعض الشخصيات التي نادت بالتفطن لهذه الظاهرة وقالوا هذا كذب وافتراء".
وأضافت الناشطة الحقوقية التونسية "والآن نحن أمام ظاهرة وغول مخيف يخطف شبابنا لأننا لم نعالج الموضوع من البداية".
وأشارت مشري علاقي إلى أن الظاهرة اشتهرت بفضل الصراع السوري لكنها أصبحت منتشرة ويجب معالجتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق